responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 71
كَانُوا مَعْدُومِينَ ثُمَّ أَحْيَاءً فِي الدُّنْيَا ثُمَّ أَمْوَاتًا فِيهَا لَزِمَهُمُ الْإِقْرَارُ بِالْحَيَاةِ الْأُخْرَى. قَالَ غَيْرُهُ: وَالْحَيَاةُ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقَبْرِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي حُكْمِ حَيَاةِ الدُّنْيَا. وَقِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا فِي ظَهْرِ آدَمَ ثُمَّ أَخْرَجَكُمْ مِنْ ظَهْرِهِ كَالذَّرِّ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ مَوْتَ الدُّنْيَا ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ. وَقِيلَ كُنْتُمْ أَمْواتاً أي نطفا في أصلاب الرجال ثُمَّ يُحْيِيكُمْ حَيَاةَ الدُّنْيَا. ثُمَّ يُمِيتُكُمْ بَعْدَ هَذِهِ الْحَيَاةِ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فِي الْقُبُورِ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ فِي الْقَبْرِ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ الْحَيَاةَ الَّتِي لَيْسَ بَعْدَهَا مَوْتٌ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: فَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ هِيَ ثَلَاثُ مَوْتَاتٍ وَثَلَاثُ إِحْيَاءَاتٍ، وَكَوْنُهُمْ مَوْتَى فِي ظَهْرِ آدَمَ وَإِخْرَاجُهُمْ مِنْ ظَهْرِهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِمْ غَيْرُ كَوْنِهِمْ نُطَفًا فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ، فَعَلَى هَذَا يَجِيءُ أَرْبَعُ مَوْتَاتٍ وَأَرْبَعُ إِحْيَاءَاتٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ اللَّهَ أَوَجَدَهُمْ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ كَالْبَهَائِمِ وَأَمَاتَهُمْ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا خَمْسُ مَوْتَاتٍ وَخَمْسُ إِحْيَاءَاتٍ، وَمَوْتَةٌ سَادِسَةٌ لِلْعُصَاةِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ فَأَمَاتَهُمُ اللَّهُ إِمَاتَةً، حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أَذِنَ فِي الشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَيَنْبِتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَيْ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ. وَقَدْ قَرَأَ يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ومجاهد وسلام ابن يعقوب بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ، وَقَرَأَ الْجَمَاعَةُ بِضَمِّهِ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: عَطَفَ الْأَوَّلَ بِالْفَاءِ وَمَا بَعْدَهُ بثم، لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَقَّبَ الْمَوْتَ بِغَيْرِ تَرَاخٍ، وَأَمَّا الْمَوْتُ فَقَدْ تَرَاخَى عَنِ الْإِحْيَاءِ وَالْإِحْيَاءُ الثَّانِي كَذَلِكَ مُتَرَاخٍ عَنِ الْمَوْتِ إِنْ أُرِيدَ بِهِ النُّشُورُ تَرَاخِيًّا ظَاهِرًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ إِحْيَاءُ الْقَبْرِ فَمِنْهُ يُكْتَسَبُ الْعِلْمُ بِتَرَاخِيهِ، وَالرُّجُوعُ إِلَى الْجَزَاءِ أَيْضًا مُتَرَاخٍ عَنِ النُّشُورِ. انْتَهَى. وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إِنَّ الْأَحْيَاءَ الْأَوَّلَ قَدْ تَعَقَّبَ الْمَوْتَ أَنَّهُ وَقَعَ عَلَى مَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِالْمَوْتِ، فَالْمَوْتُ الْآخَرُ وَقَعَ عَلَى مَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِالْحَيَاةِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ وَقَعَ الْإِحْيَاءُ الْأَوَّلُ عِنْدَ أَوَّلِ اتِّصَافِهِ بِالْمَوْتِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ آخِرِ أَوْقَاتِ مَوْتِهِ كَمَا وَقَعَ الثَّانِي عِنْدَ آخِرِ أَوْقَاتِ حَيَاتِهِ، فَتَأَمَّلْ هَذَا.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً الْآيَةَ، قَالَ:
لَمْ تَكُونُوا شَيْئًا فَخَلَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ نَحْوَهُ أَيْضًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ فِي الْقَبْرِ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً قَالَ: حِينَ لَمْ يكونوا شَيْئًا، ثُمَّ أَمَاتَهُمْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْحَيَاةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: خَلَقَهُمْ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ فَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْمِيثَاقَ ثُمَّ أَمَاتَهُمْ، ثُمَّ خَلَقَهُمْ فِي الْأَرْحَامِ، ثُمَّ أَمَاتَهُمْ، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. والصحيح الأوّل.

[سورة البقرة (2) : آية 29]
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)
قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: خَلَقَ لَكُمْ أَيْ مِنْ أَجْلِكُمْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَخْلُوقَةِ الإباحة

نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست